التحالف الشيعي النصيري 3-4
مناقشة ما ورد في البيان:
– هل صحيح بأن النصيرية والشيعة الإثنا عشرية اسمان لمسمى واحد؟!
– ليس صحيحاً هذا القول، وهو محض افتراء، وهذه هي أدلتنا:
أولاً: موقف أهل السنة وعقيدتهم في النصيرية :
قال الشهرستاني: (قالوا-أي النصيرية- ظهور الروحاني بالجسد الجسماني أمر لا ينكره عاقل، أما في جانب الخير فكظهور جبريل عليه السلام ببعض الأشخاص، والتصور بصورة أعرابي، والتمثل بصورة البشر، وأما في جانب الشر فكظهور الشيطان بصورة إنسان حتى يعمل الشر بصورته، وظهور الجن بصورة بشر حتى يتكلم بلسانه، فكذلك نقول: إن الله تعالى ظهر بصورة أشخاص.
ولما لم يكن بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم شخص أفضل من علي رضي الله عنه، وبعده أولاده المخصوصون وهم خير البرية، فظهر الحق بصورتهم، ونطق بلسانهم، وأخذ بأيديهم ، فمن هنا أطلقنا اسم الإلهية عليهم، وإنما أثبتنا هذا الاختصاص لعلي رضي الله عنه دون غيره لأنه كان مخصوصاً بتأييد إلهي من عند الله تعالى فيما يتعلق بباطن الأسرار).([1])
ويقول العلاّمة شهاب الدين أحمد بن محمد بن محمود بن مري الشافعي في سؤاله لشيخ الإسلام ابن تيمية:
(ما تقول السادة العلماء أئمة الدين رضي الله عنهم أجمعين وأعانهم على إظهار الحق المبين، وإخماد شغب المبطلين في النصيرية القائلين باستحلال الخمر، وتناسخ الأرواح، وقدم العالم، وإنكار البعث والنشور.. والجنة والنار في غير الحياة الدنيا، وبأن الصلوات عبارة عن خمسة أسماء وهي: علي وحسن وحسين ومحسن وفاطمة.. فذكر هذه الأسماء الخمسة على رأيهم .. يجزئهم عن الغسل من الجنابة والوضوء وبقية شروط الصلوات وواجباتها، وبأن الصيام عندهم عبارة عن اسم ثلاثين رجلاً واسم ثلاثين امرأة يعدونهم في كتبهم، ويضيق هذا الموضع عن إيرادهم، وبأن إلههم الذي خلق السموات والأرض هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فهو عندهم الإمام في الأرض والإله في السماء.. فكانت الحكمة في ظهور اللاهوت بهذا الناسوت [أي حلول الإله في الجسم الإنساني] على رأيهم؟).
وأضاف:
(فمن حقيقة الخطاب عندهم والدين.. أن نعلم أن علياً هو الرب وأن محمداً هو الحجاب وأن سلمان الفارسي هو الباب … وأن إبليس الأبالسة هو: عمر بن الخطاب [لعنهم الله وأخزاهم] ودونه في الإبليسية: أبو بكر ثم عثمان رضي الله عنهم أجمعين ونزههم وأعلى رتبهم عن أقوال الملحدين وانتحال الغالين المفسدين … ولا يزالون في كل وقت ملعونين حيثما ذكروا).([2])
ليس بين علماء وأئمة أهل السنة -الذين يعتد بقولهم- من يقول بقول مخالف لفتوى شيخ الإسلام ابن تيمية والشهرستاني وغيره من علماء الفرق.
موقف الشيعة الجعفرية :
قال الصدوق القمي [أستاذ الشيخ المفيد]:
(اعتقادنا في الغلاة والمفوّضة أنهم كفار بالله جلّ اسمه وأنهم شر من اليهود والنصارى والمجوس والقدرية والحرورية ومن جميع أهل البدع والأهواء المضلة، وأنهم ما صغر الله جلّ جلاله تصغيرهم بشيء كما قال الله: [ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس: كونوا عباداً لي من دون اللهولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أرباباً أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون]).
والمفوّضة كما قال الرازي: (قوم يزعمون أن الباري خلق روح علي وأولاده وفوّض العالم إليهم فخلقوا هم الأرضين والسموات. قالوا: ومن هنا قلنا في الركوع: سبحان ربي العظيم، وفي السجود: سبحان ربي الأعلى لأن الإله الأعلى علي وأولاده، وأما الإله الأعظم فهو الذي فوّض إليهم العالم) .
وروي عن أبي محمد الحسن العسكري (ع) أنه كتب ابتداء منه إلى أحد مواليه (إني أبرأ إلى الله من ابن نصير الفهري، وابن بابا القمي، فابرأ منهما. وإني محذرك وجميع مواليّ، ومخبرك أني ألعنها عليهما لعنة الله فتّانين مؤذّيين إذاهما الله. يزعم ابن بابا أني بعثته نبياً وأنه باب، ويْله لعنه الله سخر منه الشيطان فأغواه. فلعن الله من قبل منه ذلك يا محمد إن قدرت أن تشدخ رأسه فافعل). وابن الفهري هو محمد بن نصير قالت فرقة بنبوته، وذلك أنه ادّعى النبوة وأن علي بن محمد أرسله. وكان يقول بالتناسخ وبإباحة المحارم، وكان محمد بن موسى بن الحسن بن فرات يقوي أسبابه ويعضده).
ويقول النوبختيّ :
(… وقد شذّت فرقة من القائلين بإمامة علي بن محمد في حياته فقالت بنبوة رجل يقال له محمد بن نصير النميري، وكان يدّعي أنه نبي بعثه أبو الحسن العسكري. وكان يقول بالتناسخ والغلو في أبي الحسن، ويقول فيه بالربوبية، ويقول بالإباحة للمحارم، ويحلل نكاح الرجال بعضهم بعضاً في أدبارهم ويزعم أن ذلك من التواضع والتذلل، وأنه أحد الشهوات والطيبات، وأن الله عز وجل لم يحرم شيئاً من ذلك. وكان يقوي أسباب هذا النميري محمد بن موسى بن الحسن بن الفرات).
والنوبختيّ من متكلمة الشيعة الإثني عشرية، ومن أعلم الناس بالنصيرية لأنه من رجال القرن الثالث الهجري وهذا يعني أنه حديث العهد بمؤسس هذه الفرقة وبرجالها).
وفي رواية سعد القمي: (أن يحي بن عبد الرحمن بن خاقان رأى ابن نصير وغلام له على ظهره -أي على ظهر ابن نصير-، قال ابن خاقان: فلقيت ابن نصير، فعاتبته بذلك، فقال: إن هذا من اللذات، وهو من التواضع لله وترك التجبر).
وإذا كان هذا صنيعهم مع الرجال، فلا بد أن يكون مع النساء أكثر لأن المرأة في نظرهم محتقرة، ويعتقدون أن نفس المرأة تموت بموت جسدها، ولهذا فلقد أباحوا المحارم، واستباحوا الزنا بنساء بعضهم بعضاً.
وقصارى القول: هذه هي عقيدة الإثني عشرية في الفرقة النصيرية، وليس بين مراجعهم في القديم والحديث من لا يرى كفرها، ويعلن براءة مذهبهم منها. أحد علمائهم المعاصرين [محمد حسن الزين] يؤكد هذه المعاني بشدة، ويعتبر خلط الشيعة الإثني عشرية بالفرق الغالية سياسة انتهجها الأمويون والعباسيون لتشويه صورة آل البيت في أعين الناس.
هذه هي فتاوى كل من أئمة أهل السنة والجماعة وأئمة ومراجع الإمامية الشيعية الإثني عشرية. إنها في نظر الجميع فرقة مارقة من الدين، وليس هناك مخالف في جميع العصور.. وإذا كان الأمر كذلك، فما هو الجديد الذي دفع موسى الصدر وحسن الشيرازي إلى إصدار هذا البيان؟! هل أعلن شيوخ النصيرية براءتهم من تأليه علي بن أبي طالب رضي الله هنه، وهل تخلوا عن عقيدة التناسخ وإنكار اليوم الآخر و الجنة و النار؟!
لا، لم يتخلوا عن هذا ولا ذاك ولا يزالون متمسكين بعقائدهم المعروفة، بل إن خطرهم اليوم أشد من خطرهم بالأمس، وهذه هي أدلتي:
أولاً- المستشرقون:
اهتم المستشرقون أشد الاهتمام بالطوائف الغالية وخاصة بالطائفة النصيرية، فزاروا مناطقهم، وأقاموا علاقات مع أعيانهم وشيوخهم، وحصلوا على مخطوطات ورسائل سرية، ومما يسّر لهم ذلك انفتاح أهل الحل و العقد من أبناء الطائفة على غير المسلمين و العرب .. وكان من أشهر هؤلاء المستشرقين:
لويس ماسينيون [1883-1962]: يقول عبد الرحمن بدوي: كتب ماسينيون في سنة 1937 مجملاً عن كتب النصيرية، ثم ذكر البدوي أكثر من مائة وستين كتاباً ومخطوطة في جميع العصور، وأماكن حفظها في مكتبات أوروبا.
وإنه لجهد مدهش، لم يتهيأ لأحد من قبله، ولا أظن من بعده. ومما ساعده على ذلك أنه كان لهذه الطائفة دولة في ظل الاستعمار الفرنسي، وما كانوا يخشون من ضغط حكومة ولا قانون.
وكتب لويس ماسينيون مادة [النصيري] وقدمها للمسؤولين عن دائرة المعارف الإسلامية بتاريخ [29/3/1933] ودائرة المعارف أهم مرجع لعدد كبير من المفهومات و الأحداث الإسلامية التاريخية، وقد كتب موادها عدد كبير من المستشرقين المتخصصين.
وخلاصة ما كتبه ماسينيون في دائرة المعارف لا يختلف عما كتبه الباحثون المحققون من علماء أهل السنة، فهم فرقة شيعية متطرفة تؤمن بالحلول وتناسخ الأرواح، بل وينقل في بعض ما كتب عن المصادر الإسلامية التي مر ذكرها فيما مضى.
ثانياً- الموقف النصيري:
1-منهم من فارق دينه الباطني، وكشف أسرار الطائفة [التي لم تتغير ولم تتبدل عما كانت عليه منذ بضعة قرون]، لأصدقاء له من أهل السنة، وقدم إليهم ما يعرفه من رسائل خطية، لكن هؤلاء آثروا السرية في مفارقتهم لدينهم كي لا يتعرضوا للهلاك الذي لحق ببعض من أعلن إسلامه.
2- ( ومنهم من هداه الله مع طائفة كبيرة من قومه في قضاء تلكلخ، ونشر بياناً في الصحف جاء فيه اعتراف بما كان عليه من زيغ، وما كان في عقيدتهم من أسرار مباينة لدين الله، ثم دعوة للمتخلفين أن يلحقوا بالركب المهتدي إلى النور )، وأظن أن ذلك كان في عام 1936 كما قال الأستاذ محمد المجذوب في كتابه: [الإسلام في مواجهة الباطنية. ص:83]. ويضيف المجذوب: ( … وقد رد الله آلافاً من الحيارى المضلَّلين في منطقة شين وغيرها، وبينهم كثير من دعاة الباطنية والمرشدية .. ومعهم كثير من المخطوطات السرية التي لا سبيل أبداً إلى إنكارها).
3- ومنهم من أصر على دينه، ولم يجد حرجاً في إعلان مبادئ عقيدته على الملأ. يقول الأستاذ المجذوب: (لقد وقف بالأمس [1938] محام معروف من نصيرية اللاذقية يقول للمحكمة الشرعية: إن موكِّليّ النصيريين يرفعون دعوى [فلان] المسلم الذي يقتضيهم حق النفقة بوصفه أخاً لهم من أبيهم، يدفعونها بكونه مختلفاً عنهم في الدين، واختلاف الدين موجب لحرمانه حق النفقة والإرث!
فلما رد عليه القاضي بألا خلاف في الدين، لأن النصيري ليس إلا أحد المسلمين، أصر المحامي على دفعه، ثم أخذ يعلن على الملأ عقيدة القوم في صراحة عجيبة، وعلى صورة كانت مفاجئة للسامعين، لأنهم ما كانوا ليتصوروا مثل هذا التباعد بينها وبين الإسلام!
ومضى المحامي في إيضاح هذه الألغاز إلى الحد الذي كان كافياً لإقناع القاضي بالحكم لمصلحة موكّليه.. وبذلك فقد المدَّعي المسلم حق الإرث والنفقة من تركة أبيه النصيري.
وكان لهذه الدعوى يومئذ دويّ هائل هزّ دوائر الدولة، فضلاً عن أوساط الشعب، ووجد فيه الفرنسيون فرصة طيبة للاستغلال الواسع.. على أن المهم في الأمر أن أحداً من شيوخ النصيرية لم يقل كلمة في الاحتجاج أو الاعتراض على الفكرة، واعتبر سكوت القوم على هذه المرافعة يومئذٍ إعلاناً صريحاً بتصديق ما ذهب إليه صاحبها)([3]).
ولد محمد المجذوب عام 1907م وتوفاه الله في نهاية القرن الماضي، وعاش شطراً من حياته في طرطوس والشطر الثاني [قبل أن ينتقل إلى المدينة المنورة ] في اللاذقية، وخلال هذا العمر المديد كان على صلة مع النصيرية.. درّس أبناءهم، وصادق شيوخهم، وحصل على كثير من رسائلهم السرية. زرته عام 1960 في اللاذقية، وسمعت منه الغرائب عن أخلاق القوم وديانتهم، وكنت في بداية اهتمامي بهذا الشأن، وأخبرني أنه سيصدر كتاباً جامعاً عن النصيرية. فهو إذن عاش معهم قبل احتلال الفرنسيين لسورية، وأثناء هذا الاحتلال، وبعد الاستقلال، وجلّ من قائل: (ولا ينبّئك مثل خبير) [فاطر].
4- في سجلات وزارة الخارجية الفرنسية وثيقة محفوظة تحت رقم [3547 بتاريخ 15/6/1936م] رفعها زعماء الطائفة النصيرية في سورية، وهذا نصها:
دولة ليون بلوم، رئيس الحكومة الفرنسية.
بمناسبة المفاوضات الجارية بين فرنسا وسورية، نتشرف نحن زعماء ووجهاء الطائفة العلوية في سورية أن نلفت نظركم ونظر حزبكم إلى النقاط التالية:
أ- إن الشعب العلوي الذي حافظ على استقلاله سنة فسنة، بكثير من الغيرة والتضحيات الكبيرة في النفوس، هو شعب يختلف بمعتقداته الدينية وعاداته وتاريخه عن الشعب المسلم السني، ولم يحدث في يوم من الأيام أن خضع لسلطة مدن الداخل.
ب- إن الشعب العلوي يرفض أن يلحق بسورية المسلمة، لأن الدين الإسلامي يعتبر دين الدولة الرسمي، والشعب العلوي بالنسبة إلى الدين الإسلامي يعتبر كافراً، لذا نلفت نظركم إلى ما ينتظر العلويون من مصير مخيف وفظيع في حالة إرغامهم على الالتحاق بسوريا عندما تتخلص من مراقبة الانتداب، ويصبح بإمكانها أن تطبق القوانين المستمدة من دينها.
جـ-إن منح سوريا استقلالها وإلغاء الانتداب يؤلفان مثلاً طيباً للمبادئالاشتراكية([4]) في سوريا، إلا أن الاستقلال المطلق يعني سيطرة بعض العائلات المسلمة على الشعب العلوي كليلكياً واسكندرون وجبال النصيرية.
أما وجود برلمان وحكومة دستورية فلا يظهر الحرية الفردية. إن هذا الحكم البرلماني عبارة عن مظاهر كاذبة ليس لها أية قيمة، بل يخفي في الحقيقة نظاماً يسوده التعصب الديني على الأقليات، فهل يريد القادة الفرنسيون أن يسلطوا المسلمين على الشعب العلوي ليلقوه في أحضان البؤس.
د- إن روح الحقد و التعصب التي غرزت جذورها في صدر المسلمين العرب نحو كل ما هو غير مسلم هي روح يغذيها الدين الإسلامي على الدوام. فليس هناك أمل في أن تتبدل الوضعية. لذلك فإن الأقليات في سورية تصبح في حالة إلغاء الانتداب معرضة لخطر الموت والفناء، بغض النظر عن كون هذا الإلغاء يقضي على حرية الفكر و المعتقد.
إننا نلمس اليوم كيف أن مواطني دمشق المسلمين يرغمون اليهود القاطنين بين ظهرانيهم على توقيع وثيقة يتعهدون بها بعدم إرسال المواد الغذائية إلى إخوانهم([5]) المنكوبين في فلسطين، وحالة اليهود في فلسطين هي أقوى الأدلة الواضحة الملموسة على عنف القضية الدينية التي عند العرب المسلمين لكل من ينتمي إلى الإسلام، فإن أولئك اليهود الطيبين الذين جاءوا إلى العرب المسلمين بالحضارة والسلام. ونشروا فوق أرض فلسطين الذهب والرفاه، ولم يوقعوا الأذى بأحد، ولم يأخذوا شيئاً بالقوة، ومع ذلك أعلن المسلمون ضدهم الحرب المقدسة، ولم يترددوا في أن يذبحوا أطفالهم ونساءهم بالرغم من وجود انكلترا في فلسطين وفرنسا في سوريا . لذلك فإن مصيراً أسود ينتظر اليهود والأقليات الأخرى في حالة إلغاء الانتداب وتوحيد سوريا المسلمة مع فلسطين المسلمة. هذا التوحيد هو الهدف الأعلى للعربي المسلم).
ويضيفون في وثيقتهم:
(أما طلب السوريين بضم الشعب العلوي إلى سوريا فمن المستحيل أن تقبلوا به أو توافقوا عليه، لأن مبادئكم النبيلة إذا كانت تؤيد فكرة الحرية فلا يمكنها أن تقبل أن يسعى شعب إلى خنق حرية شعب آخر لإرغامه إلى الانضمام إليه.
قد ترون أن من الممكن تأمين حقوق العلويين والأقليات بنصوص المعاهدة، أما نحن فنؤكد لكم أن ليس للمعاهدات أية قيمة إزاء العقلية الإسلامية في سوريا، وهكذا استطعنا أن نلمس قبلاً في المعاهدة التي عقدتها انكلترا مع العراق التي تمنع العراقيين من ذبح الآشوريين واليزيديين. فالشعب العلوي، الذي نمثله، نحن المجتمعون والموقعون على هذه المذكرة، يستصرخ الحكومة الفرنسية والحزب الاشتراكي الفرنسي ويسألهما ضماناً لحريته واستقلاله ضمن نطاق محيطه الصغير، ويضع بين أيدي الزعماء الفرنسيين الاشتراكيين، وهو واثق من أنه واجد لديهم سنداً قوياً أميناً لشعب مخلص صديق، قدم لفرنسا خدمات عظيمة مهدد بالموت والفناء.
الموقعون:
عزيز آغا الهواش، محمد بك جنيد، سليمان المرشد ([6])، محمود آغا جديد، سليمان أسد، محمد سليمان الأحمد.
أيها البلهاء من أبناء أمتنا، ما معنى قولهم: ( إن روح الحقد والتعصب التي غرزت جذورها في صدر المسلمين العرب نحو كل ما هو غير مسلم هي روح يغذيها الدين الإسلامي على الدوام)!!
هذا المقطع، بل هذا البيان واضح صريح لا يحتاج إلى شرح أو تعليق، فهم شيء والإسلام شيء آخر، وهم شيء والعرب شيء آخر، فلهم دينهم الخاص، وقوميتهم الطائفية الخاصة.. وهم بعد ذلك وقبله متعاطفون بشدة مع كل الأقليات التي لا تدين بالإسلام: متعاطفون مع اليهود المنكوبين الطيبين في فلسطين [على حد قولهم].. متعاطفون مع الآشوريين واليزيديين الذين تعرضوا لمذابح على يد الهمج من المسلمين العرب في العراق.. متعاطفون مع المستعمر الفرنسـي الصليبي ومع النصارى في كل من لبنان وسوريا.. وأخيراً فهم متعاطفون مع كل عدو للعرب والمسلمين.. وهم أنفسهم الذين اقتحمت كتائبهم مدينة حماة وهم يهتفون [عام1964]:
هات سلاح وخذ سلاح دين محمد ولَّى وراح
– ومن أجلهم وقفت إسرائيل بوجه الأمريكان عندما أرادوا إسقاطهم بعد مقتل الحريري لأن البديل سيكون أصولياً!!
– وهم الذين أوكلت إليهم أمريكا وإسرائيل والنصارى اجتياح لبنان عام 1976، وتدمير المخيمات الفلسطينية بالتعاون مع حلفائهم من الشيعة والموارنة، فحققوا في هذا الاحتلال ما عجزت عنه إسرائيل.
– وهم الذين نالوا تأييد الإخوان المسلمين في البلاد العربية وفي طليعتهم حركة حماس التي أصبحت حليفاً للنظام مع وجود القانون [49] القاضي بإعدام كل من ينتسب للإخوان المسلمين السوريين، وناهيكم عن نشـر التشيع في ربوع الشام، ومنع النقاب والتضييق الذي لا يحتمل على الدعاة.
(1) الملل والنحل تأليف أبي الفتح محمد بن عبد الكريم الشهرستاني. دار المعرفة ببيروت: (1 /188).
(2) جواب شيخ الإسلام ابن تيمية على سؤال الإمام العلامة شهاب الدين بن مري الشافعي جاء في وثيقة تاريخية لا يستغني عنها أي باحث في موضوع الباطنية في جميع العصور التي تلت عصر ابن تيمية. فأكد -بعد أن شرح حالهم- بأنهم أكفر من اليهود والنصارى وأكفر من كثير من المشـركين وأنه لا تجوز مناكحتهم ولا استخدامهم في ثغور المسلمين وهو -من يستخدمهم- بمنزلة من يستخدم الذئاب لرعي الغنم . ولينظر من شاء الفتوى في مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية المجلد [35] (ص:145-160).
(3) كان المدعي في هذه القضية محمد سعيد أبو شريف من اللاذقية، وهو من أم مسلمة وأب نصيري، وكان محامي الدفاع الأديب المعروف الأستاذ إبراهيم عثمان صاحب مجلة [الأماني] المحتجبة. أما تاريخ الدعوى فهو عام 1938. محمد المذوب.
(4) حكومة ليون بلوم كانت اشتراكية، فهم يتوددون إليها من جهة، ومن جهة أخرى فإن بين الاشتراكيين وغلاة الشيعة قواسم مشتركة.
(5) يتحدثون في وثيقتهم عن الثورة التي فجرها الشيخ الجليل عز الدين القسام، فهل كان يهود فلسطين الذين تدعمهم الوكالة اليهودية العالمية، ويدعمهم الإنجليز المحتلون، وأوروبا وأمريكا من وراء بريطانيا هل كان هؤلاء بحاجة إلى دعم حفنة من يهود سوريا؟! وهل يتعظ المغفلون من أبناء جلدتنا الذين ينتظرون من نظام هذه الطائفة المارقة أن يحرر لهم فلسطين؟! هزلت.
(6) رؤية إسلامية في الصراع العربي الإسرائيلي، من مؤلفاتي، وكتاب النصيرية، دكتور مجاهد الأمين، وكتاب العلويين .. من هم حقاً، للباحث تمام البرازي مخطوط.